في سجن الدامون، حيث تختبئ الشمس خلف الجدران السميكة، وتعلو صرخات النساء على صمت العالم، تقبع العشرات من الأسيرات الفلسطينيات، كل واحدة منهن تحمل وجعًا خاصًا، وأملًا متقدًا رغم السواد.
كرمل الخواجا.. الطالبة التي تواسي الحوامل تعيش الأسيرة كرمل الخواجا، الطالبة من نعلين، تجربة قاسية منذ آذار 2025، بعد اختطافها من منزل جدتها. تعرضت للعزل والتنكيل، خاصة بعد 7 أكتوبر، تقضي أيامها في عزلة وفورة مقيدة، وسط محاكمات مؤجلة بلا تهمة. ومع ذلك، تؤدي دورًا إنسانيًا مؤثرًا في الدامون، تواسي الحوامل والمريضات، وتحتفظ بدفء يُعطي الأمل.
ولاء حوتري.. أمومة تصارع الغياب اعتُقلت الأسيرة ولاء، أم لأربعة أطفال، من قلقيلية في مايو 2025، وعانت من العزل بسجن الشارون، قبل نقلها إلى الدامون، حيث تعاني من فقر دم دون علاج. رغم القمع المستمر، تواصل بث الحنين لعائلتها، وتستمد القوة من شقيقها الشهيد، مؤكدة "ما زلت قوية زي أخوي سعيد".
لينا محتسب.. صوت دافئ في الزنزانة معلمة وأم لأربعة أطفال من الخليل، اعتُقلت في نيسان 2025، وتُعطي في الدامون جلسات علاج ومساج ودورات شعر، رغم ضيق الفورة وحرارة الزنزانة. تبكي حين تذكر أمها، والدة الشهيد، وتحلم بكتابة تجربتها مع ابنة أختها.
تسنيم بركات.. صوت لا يخبو طالبة قانون مقدسية، اعتُقلت قبل أسابيع من مناقشة مشروع تخرجها في ديسمبر 2024. في زنزانة رقم 10، تؤذن وتدعو لأمها، وتشتاق لأكل الحلبة، لجلسات الجامعة، وتوصي الجميع بأن يفرحوا عنها.
شيماء أبو غالي.. طبيبة وأم ووجع اعتُقلت من جنين فجراً بملابس نوم، وتعرضت لتحقيق وتفتيش مهين. تعاني من التفتيش العاري والإهانات، لكنها تسقي نباتاتها كأمل، وتحتفظ بعباءة أمها الشهيدة.
إسلام شولي.. يد تقبّل لتحتضن الغياب مهندسة وأم لثلاثة، معتقلة مع والدتها، وزوجها أسير وأخوها مفقود. في الدامون، تكتب رسائل بحب، وتقبّل يد والدتها سبع مرات يوميًا لتعويض الحنين.
زهراء الكوازبة.. أمومة بسلاسل الحديد أسيرة حامل من بيت لحم، تنتظر "يافا" داخل السجن، بعد اعتقالها وتعرضها لتحقيق قاسٍ وإهمال طبي حتى فقدت وعيها. رغم الخطر، تتمسك بطفلتها، وتؤكد: "أنا قوية".
سامية جواعدة.. المعلمة التي لم تنكسر من سكا/دورا بالخليل، اعتُقلت بسبب منشورات ساخرة، وتعيش ظروف قمع. لكنها تُضيء زنزانتها بروحها، وتوصي أبناءها الأربعة بالصبر، وتحلم بزيارة شجرة التين التي زرعها زوجها.
بشرى قواريق.. عروس خلف القضبان من عورتا – نابلس، اعتُقلت في 27 نيسان/أبريل 2025 قبل زفافها بشهر، دون السماح لها بتبديل ملابسها، بعدما مزّق الاحتلال فستانها وسلب حريتها. تواجه في "الدامون" عزلاً وتنكيلًا ممنهجًا، لكنها تضحك رغم القهر: "خلّي وليد يجهّز البيت، مروّحة!" وتوصي: "سقوا ورداتي بالدار".
الطفلة هناء حماد.. القاصر المصابة من مخيم العروب، تعاني من انحراف في العمود الفقري وتُحرم من العلاج، وتشارك سالي صدقة الزنزانة، وتحفظ القرآن رغم القمع.
ميسّر الهديبات.. جرح الانتظار أم لخمسة وجدة من دورا، أُصيبت برصاص الاحتلال عند حاجز، واعتُقلت وهي ذاهبة لشراء اللبن. في زنزانة رقم 5، تكتب أسماء أبنائها في صلواتها، وتتساءل في ألم: "لماذا بقيت؟"
سالي صدقة.. زهرة الدامون قاصر من المدية، اعتُقلت في يناير 2025، وتعرضت لضرب مبرّح وعزل بالمسكوبية 36 يومًا. تعلمت الغناء والقرآن، وتحولت إلى "وردة القسم" في زنزانة رقم 1.
انتصار عواودة.. المحاضِرة خلف القضبان محاضرة جامعية من دورا الخليل، اعتُقلت من حقلها في مايو 2025، وصودرت كل ممتلكاتها، وتعرضت لتفتيش عارٍ وحرمان من أبسط الحقوق. لا تزال تصرخ ضد القمع، وتحلم بأن يصل صوتها.
فداء عساف.. السرطان لا يرحم مريضة بالسرطان من رام الله، اعتُقلت على حاجز وهي عائدة من الفحوصات، وتدهورت حالتها بسبب الإهمال. تعيش بين أسيرات حوامل ومريضات، بلا علاج كافٍ.
شهد ماجد حسن.. النشاط الجامعي ليس جريمة خريجة علم اجتماع وطالبة ماجستير، اعتُقلت عدة مرات بسبب نشاطها في الكتلة الإسلامية، وتواصل دعمها للأسيرات الصغيرات رغم السجن.
لينا راشد عويضة مسك.. قلب الأم لا يُهزم أم لثلاثة، من الخليل، اقتيدت في فبراير 2025 بسبب منشورات، وتعرضت لضرب وتنكيل. رغم كل شيء، ترسل حبها لأبنائها، وتحلم بمركز تجميل مجاني و"بوفيه الحرية".
اختُطفت الأسيرة ماسة غزال (2002) من بيتها بنابلس فجر 28 نيسان/أبريل 2025، وتُحتجز اليوم في سجن "الدامون" وسط ظروف قاسية، من عنف السجّانات وسوء الطعام، إلى غياب الخصوصية والإهمال الطبي. رغم ذلك، تؤكد: "نعيش بروح جماعية إيمانية... ونبقى قويات".
رهام موسى (1974) من كفر عبّوش، اقتحم الاحتلال منزلها فجر 15 آذار/مارس 2025، واقتادها مكبّلة إلى سجن "الدامون"، دون محكمة أو محامٍ حتى اليوم. تعيش وسط القهر والحرمان، وتهمس باسم حفيدتها "لميس"، وتوصي: "غنّولي وحنا كبار البلد... بدّنا نروّح، مشان الله".
فاطمة الجسراوي، المحامية من السموع (1995)، اعتُقلت في "كذبة نيسان" 2025، وتقبع في سجن الدامون حيث نزفت يداها من القيود، وحُرمت من العلاج والدفء. بين القمع والحرمان، تشتاق لوالدها وأطفال العائلة، تحفظ القرآن، وتقوم الليل، وتحلم بكعكة أناناس، وشاي الصباح مع والدها... ولفّة حرية في حيفا.
شيرين الحمامرة (1980) من حوسان – بيت لحم، أُعتقلت في 17 حزيران 2025 بعد اقتحام عنيف لمنزلها. تنقّلت بين سجون الاحتلال وتقبع اليوم في "الدامون" – غرفة 5، وسط الحرمان والتنكيل، وتقول: "أنا قوية، أنا أخت عز الدين"، وتوصي: "ديروا بالكم على أمي، ستّ البيت".
في سجن الدامون، تقف الأسيرات الفلسطينيات في مواجهة آلة قمع لا ترحم، إلا أنهن يكتبن فصلًا من البطولة اليومية، حيث تُهزم الجدران بالإرادة، وتُقاوم العتمة بالأمل.
بدوره يؤكد مكتب إعلام الأسرى أن الاعتقال التعسفي للأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون، وفي كافة سجون الاحتلال، هو جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تضمن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة بشكل خاص.
إن ما يتعرضن له الأسيرات من قمع وعزل وإهمال طبي، بالإضافة إلى الممارسات القمعية والتحقيقات الوحشية، يعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادتهن وإضعاف صمودهن، لكنها في المقابل تصطدم بعزيمة لا تلين وإرادة فولاذية تدفعهن للمقاومة رغم كل الظروف.
يدعو المكتب المؤسسات الدولية والحقوقية إلى تحمل مسؤولياتها والتحرك العاجل لوضع حد لانتهاكات الاحتلال، وضمان الإفراج الفوري عن جميع الأسيرات، وخاصة المرضى والحوامل والقاصرات، كما يطالب المجتمع الدولي بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة حول ظروف الاعتقال في سجون الاحتلال.
ويؤكد المكتب على استمرار توثيق كافة الانتهاكات وتقديم الدعم القانوني والإعلامي للأسيرات، مع إبقاء قضية الأسرى في مقدمة الأولويات الوطنية والإنسانية.