تقرير حقوقي: شهادة الأسير المحرر قاسم عصافرة حول الانتهاكات في سجون الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على غزة
تقرير/ إعلام الأسرى

يوثق هذا التقرير شهادة الأسير المحرر قاسم عصافرة من بلدة بيت كاحل بمحافظة الخليل، والذي تحرّر ضمن الدفعة الثالثة من صفقة "طوفان الأحرار" بعد أن أمضى ست سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، محكومًا بالسجن المؤبد.

تعكس شهادته واقع الانتهاكات الخطيرة التي تعرّض لها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، والتي مثلت نقطة تحول حادّة في سياسات الاحتلال داخل المعتقلات، من حيث تعمّد التنكيل، وانتهاك الحقوق الأساسية وفرض ظروف احتجاز غير إنسانية.

أولاً: تجريد الأسرى من الممتلكات والحقوق الأساسية

وفق شهادة الأسير عصافرة، شهدت السجون الإسرائيلية عقب اندلاع الحرب حملة منظمة هدفت إلى محو كل مقومات الحياة داخل السجون ، وقد تمثلت أبرز الإجراءات في:

- مصادرة جميع الممتلكات الشخصية للأسرى، بما في ذلك الأدوات الكهربائية، والملابس، والمواد الغذائية، وأدوات النظافة وحتى الكتب والمراسلات.

- إغلاق الكانتينا (المقصف) الذي يعتمد عليه الأسرى في شراء احتياجاتهم الأساسية.

- إلغاء الفورة (الاستراحة اليومية)، ومنع الأسرى من الخروج إلى ساحات السجن.

- تدمير المرافق الداخلية مثل المطابخ والغسالات، في إطار سياسة ممنهجة لحرمان الأسرى من أبسط مقومات الحياة الكريمة.

هذه الممارسات تمثل انتهاكا مباشرا لـ:

- المادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على وجوب معاملة جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم كرامتهم.

- المواد (25-27) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) التي تضمن حق السجين في النظافة، والتغذية، والاتصال الإنساني.

ثانيا: القمع الجماعي واستخدام العنف المفرط

أفاد الأسير عصافرة بأن وحدات القمع الخاصة التابعة لإدارة مصلحة السجون نفّذت عمليات اقتحام متكررة للأقسام والغرف، استخدمت فيها:

- الضرب الجماعي المبرح باستخدام العصي والأحذية الحديدية.

- إجبار الأسرى على الانبطاح أرضًا وتكبيلهم لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة ومهينة.

- استخدام الغازات السامة والمسيلة للدموع داخل الزنازين المغلقة.

- التصوير القسري والإذلال العلني للأسرى أثناء الاعتداءات.

وتعد هذه الممارسات خرقا فاضحا للمادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع التي تحظر المعاملة القاسية والمهينة، والمادة (16) من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تلزم الدول الأطراف بمنع أي شكل من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ثالثا: العزل التام وقطع سبل التواصل

أكد عصافرة أن إدارة السجون قطعت كل أشكال التواصل بين الأسرى والعالم الخارجي، من خلال:

- منع زيارات الأهالي والمحامين لفترات طويلة.

- سحب أجهزة الراديو والتلفاز والجرائد، ما أدى إلى عزل الأسرى بالكامل عن الأخبار والمستجدات.

- منع الرسائل والمراسلات الورقية، وهو ما يشكل انتهاكًا لحق الأسرى في التواصل الذي تضمنه المادة (37) من القواعد النموذجية الدنيا.

رابعا: النقل التعسفي والتعذيب أثناء التنقّل "البوسطة"

أشار الأسير عصافرة إلى أن عملية نقله من سجن نفحة إلى ريمون ثم إلى النقب تمت في ظروف قاسية، تخللها تعذيب جسدي ممنهج.

وأوضح أن منطقة النقل بين الأقسام تُعرف باسم "باب الجحيم"، حيث:

- يتعرض الأسرى للضرب العنيف وهم مكلّبشون بالأيدي والأرجل.

- يجبرون على الزحف أو الركوع تحت الضرب.

- يعتدى عليهم خلال الصعود إلى سيارات النقل (البوسطة) أو داخلها، مما تسبب بإصابات وكسور متعددة بين الأسرى.

هذه الانتهاكات تندرج ضمن جرائم التعذيب وسوء المعاملة أثناء النقل، المحظورة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، والمادة (13) من اتفاقية جنيف الثالثة التي تضمن سلامة الأسرى أثناء نقلهم.

خامسا: الحرمان الصحي والنفسي

لم توفر إدارة السجون أي رعاية طبية للأسرى خلال هذه الفترة، رغم ما تعرّضوا له من إصابات وضرب. يشير عصافرة إلى أن "كثيرًا من الأسرى أصيبوا بجروح وانكسرت أيديهم، دون أن يُسمح لهم برؤية طبيب أو تلقي علاج"، وهو ما يشكل إهمالا طبيا متعمدا يخالف المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تُلزم سلطات الاحتجاز بتوفير العلاج اللازم للمحتجزين.

سادسا: النتائج القانونية

تظهر هذه الشهادة أن الاحتلال الإسرائيلي مارس خلال فترة الحرب، نمطا متكاملا من الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين، يمكن تصنيفه ضمن:

- جرائم حرب وفق المادة (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لكونها استهدفت أشخاصًا محميين بموجب القانون الدولي الإنساني.

- انتهاكات جسيمة للكرامة الإنسانية وحرمان من الحقوق المكفولة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

تؤكد شهادة الأسير قاسم عصافرة أن ما جرى داخل السجون الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر 2023 لم يكن إجراءات أمنية مؤقتة، بل سياسة ممنهجة للعقاب الجماعي والإبادة القانونية بحق الأسرى الفلسطينيين. وعليه يوصي مكتب إعلام الأسرى بـ:

1. فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات الواقعة بحق الأسرى داخل السجون الإسرائيلية خلال الحرب على غزة.

2. إلزام إسرائيل باحترام التزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف، وخاصة ما يتعلق بمعاملة الأسرى والمعتقلين.

3. تمكين المنظمات الدولية (كالصليب الأحمر والأمم المتحدة) من زيارة السجون وتوثيق الأوضاع بشكل عاجل.

4. إدراج ملف الانتهاكات ضد الأسرى ضمن قضايا الإبادة وجرائم الحرب المنظورة أمام المحكمة الجنائية الدولية.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020