في صبيحة يومٍ لم يكن كغيره، كان الصحفي سامي الساعي يحمل قلمه وكاميرته كعادته، يلاحق الحقيقة حيثما كانت، قبل أن يُعتقل فجأة على يد قوات الاحتلال. لم يعلم حينها أن ما ينتظره خلف القضبان ليس فقط الزنازين، بل تجربة إنسانية مؤلمة ستظل محفورة في ذاكرته وجسده وروحه.
داخل سجون الاحتلال، لم يكن السجن جدرانًا وأسلاكًا فقط، بل ساحة من الإذلال. في إحدى الليالي، تم اقتياده من زنزانته، وهناك بدأ مسلسل الانتهاك. يروي سامي: "تعرّضت للاغتصاب غير المباشر من قبل بعض السجّانين بالضرب المبرح وأمور لا أستطيع حتى نطقها". كان الألم يفوق الاحتمال، في ظل سخرية السجّانين وضحكاتهم.
عاد إلى زنزانته محطّمًا، جسدًا ونفسًا. يحاول أن يعالج نفسه دون أي دعم، فقد طاردته كوابيس الحادثة لأكثر من 22 يومًا. وبين تنقلاته في السجون من مجدو إلى النقب فريمون، ظل سامي يتعرض للضرب والإهانة والتجويع، وقضى 15 شهرًا في سجن ريمون، حيث عاش أشد لحظات العزلة والحرمان.
"لم أتلقّ أي اتصال من نقابة الصحفيين، لا خلال فترة اعتقالي ولا بعد تحرري"، يضيف سامي بمرارة.
اليوم، وبعد نيله الحرية، لا يزال سامي الساعي يقاتل بطريقته الخاصة، لا ليسترد فقط كرامته، بل ليروي ما حدث، حتى لا يصمت العالم. لأن خلف كل كاميرا، هناك إنسان… وأحيانًا شهيد حيّ.