تعد الأوضاع داخل سجن النقب الصحراوي واحدة من أسوأ البيئات الاعتقالية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون، خاصة في ظل التدهور المستمر في الظروف المعيشية والصحية. ومع سياسة الإهمال الطبي المتعمد وتردي بيئة الاحتجاز، بات هذا السجن عنوانا لمعاناة تتضاعف يوما بعد يوم.
ويواجه الأسرى في النقب واقعا قاسيا يتمثل في: الاكتظاظ داخل الغرف، شح مواد التنظيف، تردي وجبات الطعام كميا ونوعيا، النقص الحاد في الملابس والاحتياجات الأساسية، والنزول الملحوظ في أوزان المعتقلين نتيجة سوء التغذية والإجهاد العام.
حجر قسم 28: داء الصَّفَر يدق ناقوس الخطر
في تطور خطير فرضت إدارة سجن النقب عن حجر قسم 28 بالكامل، بعد تسجيل عدد من الإصابات بمرض "داء الصَّفَر" (Ascariasis)، وهو مرض تسببه الديدان الأسطوانية الطفيلية، وينتشر عبر بويضات تنتقل غالبا عن طريق الطعام أو الماء الملوث.
أفاد مكتب إعلام الأسرى بأن قسم (28) في سجن النقب تم عزله بشكل كامل، عقب تسجيل عدد من الإصابات بداء الصَّفَر بين صفوف الأسرى، وسط مخاوف من اتساع رقعة انتشار المرض في ظل الإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز.
وبحسب مكتب إعلام الأسرى، فإن المصابين يعانون من أعراض واضحة ومقلقة، في ظل غياب الرعاية الصحية الفعلية، وعدم توفر الأدوية المناسبة، ورفض إدارة السجن توفير فحوصات شاملة لبقية الأقسام، مما ينذر بتوسع نطاق العدوى وانتقالها إلى أسرى آخرين.
ما هو داء الصَّفَر؟ المرض الصامت الذي يفتك من الداخل
داء الصَّفَر هو نوع من الأمراض الطفيلية التي تسببها الديدان الأسطوانية (المستديرة). تدخل هذه الطفيليات إلى الجسم عبر الجهاز الهضمي، ثم تبدأ دورة حياتها من الأمعاء إلى الرئتين ثم تعود ثانية، لتسبب أضرارا مزدوجة في كلا الجهازين.
● في الجهاز التنفسي:
عندما تصل اليرقات إلى الرئتين، قد تظهر أعراض مثل:
سعال مستمر
ضيق في التنفس
أزيز في الصدر
أعراض مشابهة للربو أو التهاب الرئة
● في الجهاز الهضمي:
بعد عودة اليرقات إلى الأمعاء ونضجها:
ألم مبهم أو شديد في البطن
غثيان، قيء، إسهال
وجود ديدان في القيء أو البراز
فقدان وزن وسوء تغذية
وتكمن خطورته في أن كثيرا من الحالات تمر دون أعراض واضحة، ما يصعب تشخيصه مبكرا، خاصة في بيئة مكتظة ومهملة صحيا كالسجون.
الواقع الصحي في النقب: بين الإهمال والإصابة
تعكس حالة قسم 28 حجم الإهمال الصحي المتعمد في سجون الاحتلال، لا سيما في النقب، حيث:
يمنع الأسرى من الوصول الفوري للطبيب
لا تجرى فحوص دورية أو وقائية
تغيب المتابعة الطبية الحقيقية
لا توزع مواد النظافة والتعقيم بشكل كاف
كل ذلك يجعل من انتشار الأمراض خاصة المعدية والطفيليّة منها أمرا متوقعا، بل ومقصودا في بعض الأحيان لزيادة معاناة الأسرى ضمن سياسة عقابية منهجية.
مكتب إعلام الأسرى يؤكد أن ما يحدث في سجن النقب هو جريمة صامتة تنفذ بحق مئات الأسرى، حيث يتحوّل الإهمال الطبي المتعمّد إلى أداة تعذيب جماعية، وتترك العدوى تنتشر بلا رادع وسط بيئة مغلقة ومكتظة.
وأشار أن انتشار داء الصَّفَر بين الأسرى في النقب في ظل الاكتظاظ وسوء النظافة وقلة العلاج، هو ناقوس خطر يجب أن يقرع جميع المؤسسات الحقوقية.
تشير الوقائع إلى أن سجن النقب قد تحول من مركز احتجاز إلى بؤرة صحية مهددة للحياة بفعل الإهمال المتعمد والتقصير في الإجراءات الوقائية.
وعلى ضوء انتشار الأمراض الطفيلية بات لزاما على الجهات الحقوقية والدولية أن تتحرك لفتح هذا الملف، والضغط باتجاه توفير الرعاية الصحية للأسرى ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتكررة.