منذ سنواتٍ طويلة، لم يعرف الأسير مصطفى توفيق محمد عوض (49 عامًا)، من قرية رامين قضاء طولكرم، طعمَ الاستقرار أو الحرية المستحقة.
فما إن يخرج من السجن ليتنفس هواء الحرية، حتى يعود الاحتلال لاعتقاله من جديد، حتى أصبح اليوم أسيرًا ستّ مرات، قضى خلالها ما مجموعه تسع سنواتٍ ونصف في سجون الاحتلال.
تُلاحق عائلته أيضًا سلسلة من الاقتحامات الليلية، والاعتقالات، والتحقيقات الميدانية، وطلبات المقابلة، والتحذيرات، وتخريب الممتلكات، ومصادرة الأموال.
تحدث مكتب إعلام الأسرى مع عائلة الأسير مصطفى عوض للوقوف على تفاصيل قصته الطويلة مع السجون، وسلسلة الاعتقالات المتكررة، ومعرفة ظروف اعتقاله الأخير، الذي صدر فيه أمر اعتقال إداري قبل أن يُحوَّل إلى ملف قضية، دون أن تعرف العائلة حتى اليوم سبب ذلك التحويل.
تتابع العائلة أخباره من بعيد، مترقبةً أيّ خبرٍ قد ينبئها بقرب حريته.
بدأت رحلة الاعتقال للأسير مصطفى عوض في 20 نيسان/أبريل 1993، حيث استمر اعتقاله الأول نحو شهرين، قبل أن يُفرج عنه.
ثم أعاد الاحتلال اعتقاله عام 1995 لعدة أشهر، كما اعتقله عام 2000 لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، وعام 2005 لذات المدة، ثم عام 2009 لمدة عامٍ ونصف تقريبًا.
أما اعتقاله الأخير فكان في 25 أيار/مايو 2024، ورافقه اقتحام المنزل ومصادرة مبلغ 72 ألف شيقل من أموال العائلة.
بعد شهرٍ من ذلك، تواصلت مخابرات الاحتلال مع العائلة، طالبةً حضور زوجته وابنته الكبرى إلى مركز التحقيق في سالم، وكانت ابنته حينها في سنتها الجامعية الأولى.
جرى تحديد موعد المقابلة أكثر من مرة، وفي الموعد الأخير اقتيدت الأم وابنتها إلى المقابلة، ثم عادتا إلى المنزل، لكن بعد ساعةٍ واحدة فقط، اقتحم الاحتلال المنزل مجددًا واحتجز العائلة في غرفة، وأُحضر الأسير مصطفى عوض إلى المكان، حيث قام الجنود بتكسير محتويات المنزل أمامه، وأخبروه أن زوجته وابنته معتقلتان.
ولأسبوعٍ كامل، كانت تلك المعلومة ترافقه خلال فترة التحقيق، التي استمرت شهرين متواصلين، حتى زاره المحامي وأخبره بأن زوجته وابنته لم تُعتقلا، وإنما تمت مقابلتهما فقط وأنهما حرتان.
لاحقًا، صدر بحق الأسير أمر اعتقال إداري دون توجيه تهمة أو لائحة اتهام، ودون سقفٍ زمني محدد، قبل أن تتفاجأ العائلة في أيلول/سبتمبر الماضي بتحويل ملفه الإداري إلى ملف قضية، دون توضيح الأسباب أو معرفة تفاصيل ما يجري.
تؤكد العائلة أن الأسير مصطفى يتواجد حاليًا في سجن مجدو، وقد فقد ما يقارب 40 كغم من وزنه نتيجة سياسة التجويع المتعمّد.
وكان ذلك واضحًا خلال زيارة المحامي له بتاريخ 26 آب/أغسطس 2025، وبعدها لم تعد العائلة تعرف شيئًا عن حالته الجسدية أو مظهره.
كما أُصيب سابقًا بمرض السكابيوس (الجرب) أثناء وجوده في سجن النقب الصحراوي، نتيجة الإهمال الطبي وسوء الظروف المعيشية داخل السجن.
وتُعاني عائلته اليوم من قطع راتبه، وهو حقٌّ له وليس منّة من أحد، كما تؤكد.
وفي ظل انقطاع هذا الحق، أصبحت زيارات المحامين شبه مستحيلة، إذ تعتمد العائلة على هذا الراتب في تغطية أجور المحامين.
وبعد تسع سنواتٍ ونصف من الاعتقال، ما تزال عائلة الأسير مصطفى عوض تنتظر الخلاص من السجون، ومن هذا الترقب والإرهاق الطويل الذي لم يترك في حياتهم مساحة للطمأنينة أو الاستقرار