تحتضن منازل الشعب الفلسطيني قصصاً فرادى ومثنى، وبعض البيوت لها من القصص فوق حد العد، الكثير من الأيام التي مرت وسرقت منها الشعور بالطمأنينة والاستقرار والحق في أبسط مقومات السعادة الأسرية، بعض البيوت لا تجد جداراً فراغاً من صور بعضها يستقبلك من باحة المنزل ويخبرك أن الجدران هنا تزخر بالحكايات المؤلمة وبالصبر وبالأمل بأن الحرية قاب قوسين أو أدنى.
والدة الأسيرين بهاء وضياء غنيمات، سكان بلدة صريف، قضاء مدينة الخليل، لها أحد هذه البيوت التي قدمت وضحت للشعب الفلسطيني وأبنائه، تحمل من القصص والأمل والأيام التي اضطر عقلها أن يحفظها غيباً وكأنها حدثت اليوم أمامه الكثير.
مكتب إعلام الأسرى تحدث مع والدة الأسيرين لعرض زوايا المعاناة والصبر الجميل التي تتصف به الأم وأبنائها وعائلتها على حدٍ سواء.
الأسير بهاء خالد محمود غنيمات(24عاماً)، شابٌ من مدينة قدمت وضحت، من أهل مدينة الخليل التي يتعرض أبناؤها لاعتقالاتٍ شبه يومية، بهاء شابٌ في مقتبل العمر، اعتقله الاحتلال بتاريخ 22/8/2023، اعتقله من داخل المنزل، وأكدت والدته أنهم لم يسمحوا لها أن تتحدث معه أو أن تراه قبل اعتقاله.
بهاء معتقل في سجن نفحة، وكغيره من الأسرى ما بعد حرب السابع من أكتوبر، لا تعرف عائلته عنه أي خبر، باستثناء تتبع الأسرى الذين نالوا حريتهم من ذات القسم والغرفة المتواجد فيها بهاء، ومنذ 3 شهور حتى الأخبار التي تنال حريتها رفقة أسرى قسمه نحو عائلته انقطعت تماماً.
بهاء أسيرٌ بملف إداري، حصل على 4 أوامر إدارية، مدتها 6 أشهر في كل مرة، ولا تعلم العائلة إن كان سيتجدد حكم الإداري بحقه مرة أخرى أم لا، ولكن العائلة قدمت عبر محاميه طلب استئناف ضد ملفه الإداري ولا زالت بانتظار نتيجة هذا الطلب، بهاء خاض اعتقالاً سابقاً، حيث اعتقل مطلع العام 2019، ونال حريته عام 2020، وخاض خلال هذه الفترة اعتقالاً مدته سنة وشهرين، ليعاد اعتقاله مرة أخرى حتى هذه اللحظة.
الأسير بهاء ليس الوحيد في قصة عائلته، فهو شقيق الأسير الذي يكبره عمراً ويكبره حتى في عدد اعتقالاته، وهو ضياء خالد محمود غنيمات(37عاماً)، ضياء اعتقل بتاريخ 3/4/2025، وصدر أمر اعتقال إداري لاحقاً بحقه، مدته 4 أشهر، وتم تجديد مدته ل3 أشهر أخرى، وقد تمكنت العائلة من الحصول على قرار جوهري بحقه ضد ملف اعتقاله الإداري، وبانتظار أن ينال حريته.
ضياء خاض سلسلة من الاعتقالات في سجون الاحتلال، وفي اعتقاله الحالي يقبع في سجن عوفر، وتتخوف عائلته كثيراً من أن يكون وضعه سيئاً خاصة في ظل الأخبار التي ترد عن سجن عوفر وما يتعرض له الأسرى من هجمات وتنكيل وتجويع كحال السجون الأخرى كذلك، ولا تعلم عائلته عنه أخباراً منذ مدة اعتقاله أيضاً.
ضياء ترك خلفه عائلة، زوجته و3 أولاد وابنة، اعتقل في آخر مرة وكان عمر ابنه شهرين فقط، ضياء أمضى ما مجموعه 5 سنوات في سجون الاحتلال على مدار أربع اعتقالات، وخاض أولى تجارب اعتقاله بعمر ال18 عاماً فقط، تقول والدته" يفتقده أبناه كثيراً، يطلبوه دائماً، يخشون أن يداهم الاحتلال منزلهم وهو غير موجود".
أطفال الأسير ضياء وعائلته يعتبرونه درعهم الحامي، ينتظرون حريته على أحر من الجمر، وينتظرون استقراراً في منزلهم، أصبح طلبوه رفاهية بالنسبة لهم ولآلاف البيوت الفلسطينية، خاصة وأنهم شاهدو لحظات اعتقال الاحتلال لوالدهم.
تتخوف والدة الأسيرين بهاء وضياء من اعتقالهما الحالي بالذات، وتخشى على نجلها بهاء الذي لا تعرف شكله منذ عامين ولا تعلم شيئاً عن صحته وعن شكله بعد هذا الاعتقال، تقول والدته" خلال فترة اعتقال بهاء، اعتقلت ابنتي أيضاً، الساعة الثانية ليلاً وأفرج عنها الاحتلال الساعة التاسعة ليلاً، كان يوماً افتقدت فيه أبنائي، صعباً جداً، اعتقلوها قبل حفل زفافها بأسبوع والحمد لله أنها نالت حريتها ذات اليوم".
عائلة الأسيرين بهاء وضياء، ودعت كذلك ابنها محمود غنيمات(20عاماً ونصف) شهيداً إلى جنات النعيم، بتاريخ 22/10/2015، حيث كان رفقة صديقه مقداد الحيح، ولكنه استشهد في الوقت الذي اعتقل الاحتلال صديقه، واتهما بحيازتهما سكيناً، وأطلق الاحتلال النار عليهما بذريعة هذه التهمة، محمود استشهد غير أن صديقه مقداد أصيب واعتقل وأمضى 9 سنوات ونصف في ذكرى محمود وتكبد آلام الاعتقال من حكمه البالغ 16 عاماً، ونال حريته في صفقة الطوفان.