الأسرى الأشبال: صورة قاتمة من صور امتحان الثانوية لهذا العام
تقرير/ إعلام الأسرى

شهادات الأسرى في قسم الأشبال في سجن مجدو وفي عدد كبير من السجون تفيد بأن الأسرى اختاروا الصيام اليومي،  أو الصيام لأيام فقط من أجل الحصول على حق الشعور بالشبع، حيث يعمد الأسرى لتجميع ما يحصلون عليه من طعام حتى يتناولوه دفعة واحدة بعد صيام طويل، هؤلاء وبدلاً من أن يحصل بعضهم على حقه في الفرح رفقة زملائه لهذا اليوم، لم يتذكروا كل هذه المظاهر، لم تهمهم مقاعد الدراسة ولا علاماتهم ونتائج امتحاناتهم، التكبيل الشتائم والتعذيب النفسي والجرائم المرتكبة بحقهم والتي تنتهك كل معايير حقوق الإنسان لم تترك لهم مجالاً للتفكير بالكتب والأقلام والأنشطة المدرسية.  

كان من المفترض اليوم أن تنتظر عشرات الأمهات وهن خط الدفاع الأول لأبنائهن نتائجهم في امتحاناتهم بالصورة الطبيعية المعتادة، ولكن لم يتح لهن هذا الحق، فالأم تمارة أبو حجلة،  كان يجب أن تنتظر صباح اليوم نتيجة تفوق ابنها أحمد نعمان عابد، من طولكرم، وبدأ انطلاقه نحو أحلامه والكثير من الخطط المستقبلية التي رسمها لنفسه بمساعدتها وبمساعدة العائلة، لكنها وبدلاً من ذلك تلقت أخباراً من نوعٍ آخر.  

مدرسة طولكرم الثانوية الصناعية لم تعلن صباح اليوم عن نجاح طالبها أحمد عابد ببساطة لأنه أسير مغيب في سجون الاحتلال منذ تاريخ ١٠/٢/٢٠٢٥، بعد أن كان قد وضع رأسه على وسادته ذات ليلة على أمل تقديم امتحاناته وبعد تعب متواصل للدراسة لساعات نام ليستيقظ في العزل.  

الاعتقال الإداري السياسة التي تأكل أعمار الشباب الفلسطيني في سجون الاحتلال أكلت كذلك عمر ابنها، فقد حرمت الأسير عابد من حقه في الالتحاق بامتحان الثانوية العامة بعد أن أصدرت محاكم الاحتلال بحقه حكماً إدارياً مدته ٦ أشهر.  

تقول والدته" أحمد طالب ثانوية عامة فرع صناعي، تخصص ميكانيك سيارات، متفوق في دراسته، أوراقه كانت جاهزة ليسافر لألمانيا ليكمل حلمه الأكبر ويدرس هندسة السيارات".  

في الوقت الذي كان من الممكن أن تنتظر أم الأسير عابد اليوم نتيجته المفرحة، وصلها خبر يفيد بأن نجلها متعب جداً من أعراض المرض الجلدي المصاب به "السكابيوس" وبحاجة لعلاج حقيقي، وكل هذه الأخبار وردت لها عبر أسير محرر كان في ذات قسمه، لتزداد مشقة الانتظار.  

الأسير أحمد عابد لن يتلقى التهاني اليوم فهو متواجد في العزل في قسم الأشبال في سجن مجدو، وهو ليس الطالب الوحيد الذي يحرمه اعتقاله من تقديم امتحان الثانوية العامة.  

الأسير رضا حمامرة(١٨عاماً) سكان قرية حوسان، في بيت لحم، معتقل إداري منذ ٢١ شهراً اعتقله الاحتلال بتاريخ ٣٠/١٠/٢٠٢٣ منذ بداية فصله الدراسي ولم يلتحق بامتحانات الثانوية العامة، وبدلاً من أن يحصل اليوم على نتيجته حصل على حكم إداري جددته له محاكم الاحتلال أربع مرات.  

كما أن الأسير المحرر عمر محمد ريان، من سكان بلدة بيت دقو، في القدس، لم تشفع له حريته أن ينال هذا الحق أياً، فقد أفرج عنه الاحتلال منذ أيام لكن ذلك لم يكن كفيلاً بأن يفرح اليوم مع زملائه، فثمانية أشهر كانت كافية لحرمانه من الالتحاق بمقاعد الثانوية العامة، واليوم يصبح حلماً آخر مؤجلاً فقط لأنه فلسطيني.  

الأسيرين هشام جرادات وباسل جرادات، سكان بلدة سعير في مدينة الخليل، تختفي اليوم معالم الفرحة من بيتهما وهما الطالبان المتفوقان، والتي تعلق عليهما عائلتهما آملاً كثيرة ، سلبا حق الفرح بعد أن غيبهما الاحتلال كذلك عن أداء امتحانات الثانوية العامة.  

الأسيرات القاصرات قصة أخرى من الحرمان التعليمي، فقد أورد المحامي حسن عبادي قصة أسيرتين ذكر فيهما أن كلتاهما في الصف الحادي عشر علمي، الأسيرتين القاصرتين سالي محمد عودة(١٧ عاماً) من سكان قرية المدية، قضاء رام الله، والمعتقلة منذ تاريخ ٥/١/٢٠٢٥، والأسيرة هناء نعيم حماد(١٧عاماً) من سكان مخيم العروب في الخليل ، المعتقلة منذ تاريخ ٩/٦/٢٠٢٥، هما طالبتان في الصف الحادي عشر الفرع العلمي كلٌ في محافظتها، بسبب اعتقالهما ستتأخر فرحة ذويهما بهما حتى سنوات أخرى وستستذكر العائلتين اليوم بشكل خاص أثر الاعتقال على ابنتيهما وما سيعقبه من حرمانهما من الانتظام بصورة طبيعية في الدراسة رفقة زميلاتهن.  

المحرر وطن سباعنة، سكان بلدة قباطية في جنين، أفرج عنه الاحتلال فقط قبل ساعات من امتحان الثانوية العامة، وأكدت والدته المعلمة فاطمة سباعنة بأن مجرد التحاق ابنها بامتحاناته هو نجاح بحد ذاته بعد أن انتقل من مرحلة كانت يداه مكبلتان بقيود الاعتقال لمرحلة عليه أن يمسك بها قلماً ويبدأ بالكتابة، وهو قصة واحدة فقط من بين عشرات القصص التي تعرضت لهذا النوع من الضغط النفسي، ورغم ذلك ترى عائلته بأنه قد أدى واجبه وبأنه حصل على لقب ناجح بجدارة.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020