ما بعد السابع من أكتوبر : السجون الإسرائيلية تتحول إلى ميادين انتقام
تقرير/ إعلام الأسرى

منذ السابع من أكتوبر 2023، شهدت سجون الاحتلال الإسرائيلي انقلابا جذريا في طبيعة التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، إذ تحوّلت إلى ساحات مفتوحة للانتقام والتعذيب المنهجي في ظل غياب رقابة دولية وانقطاع كامل للتواصل مع العالم الخارجي.


سياسة العقاب الجماعي


اتخذت مصلحة سجون الاحتلال، بتوجيهات مباشرة من المستوى السياسي، إجراءات عقابية غير مسبوقة ضد الأسرى، شملت:

* الضرب المبرح الجماعي والفردي

* الحرمان من الطعام أو تقليصه إلى مستويات كارثية

* منع زيارة المحامين وذوي الأسرى

* العزل الانفرادي المتواصل

* مصادرة الأدوات الأساسية (الملابس، الأغطية، المياه النظيفة)

* إغلاق الكانتين والمغاسل

* حرمان من العلاج والرعاية الطبية


شهادات حية من جحيم الأسر


بعد توثيق عشرات الشهادات من أسرى محررين، ممن نجوا من مقابر الاعتقال الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر، تكشّفت فصول مرعبة من الانتهاكات التي مورست داخل سجون الاحتلال ومعتقلاته، وعلى رأسها سجن "سديه تيمان" ومركز "ركيفت" ومعسكرات التحقيق الميداني.

هذه الشهادات، التي جمعتها جهات حقوقية وصحفية، توثق بصورة متكررة وممنهجة ممارسات تعذيب جسدي ونفسي، حرمان من الحقوق الأساسية، وانتهاكات تمس الكرامة الإنسانية، بل وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي.

وفيما يلي ملخص جماعي يعبر عن جوهر ما رواه المحررون، ممن عاشوا تجربة الأسر في هذه المرحلة، وخرجوا أحياء من مقابر مغلقة لا يعرف العالم ما يجري بداخلها.

شهادة جماعية بلسان المحررين

"نحن الذين خرجنا من تلك السجون، لا نروي قصصا معزولة، نحن نكشف سياسة واحدة مورست بحق الجميع. كنا مقيدين بالأصفاد لأيام متواصلة، نُضرب بالعصي والأقدام والسلاح، نُمنع من النوم، نُحرم من الطعام، ونُترك دون استحمام أو تغيير ملابس لأسبوع وأكثر.

تعرض بعضنا للانتهاك الجنسي أو التهديد به، تحت التحقيق أو أمام الجنود. انتشرت الأمراض الجلدية والتنفسية بيننا بسبب غياب النظافة والرعاية الطبية، ولم يكن يُسمح لنا برؤية طبيب حتى في الحالات الحرجة.

شاهدنا رفاقنا يُضربون حتى الموت، وآخرين يفقدون وعيهم لساعات دون تدخل طبي، أصوات الصراخ لم تكن تنقطع .  

في سديه تيمان وركيفت، كانت الوحشية بلا حدود، كنا نُضرب صباحا ومساء، يُجبروننا على الركوع، ينزعون عنا الملابس، لا طعام، لا دواء، ولا حتى مكان ننام فيه دون بلل أو برد.  

لا يفرّق الجنود بين طفل أو شيخ، بين مدني أو مريض. كانت أجسادنا هدفا للانتقام،الضرب كان أداة يومية، كأنهم في ساحة تدريب. لم تكن هناك استجوابات، فقط إهانة وتعذيب. وكانت الزنازين أماكن تجريد لا احتجاز وهذا غيض من فيض.

نحن نروي الحقيقة كما عشناها، ونحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن كل ما جرى ويجري داخل هذه السجون، ولابد من التحرك لإنقاذ بقية الأسرى قبل فوات الأوان.  


الأمراض تنتشر بلا رحمة


مع تعمد الاحتلال تقليص المياه والنظافة، تفشّت أمراض خطيرة بين الأسرى، أبرزها:

* الجرب (السكابيوس) بشكل وبائي في عدة سجون

* التهابات جلدية وتنفسية

* أمراض مزمنة غير معالَجة (السكري، السرطان، الضغط)

يقول أسير محرر من غزة: "نحن لسنا سجناء، نحن مختطفون في مقابر. السجن فقد اسمه، صار مكانا للتنكيل الجسدي والنفسي"


حرمان قانوني وإنساني  


أدى منع المحامين إلى انقطاع تام للمعلومات عمّا يجري داخل السجون. لا يمكن توثيق الحالات، ولا تقديم شكاوى، في ظل تغييب كامل لأي رقابة قانونية.

مئات الشهادات التي تم توثيقها من أسرى محررين خلال الأشهر الماضية، تكشف عن "نظام قمع متكامل" يهدف لكسر الروح المعنوية للأسرى عبر تجويعهم وإهانتهم وتعذيبهم.


مطالبات عاجلة


تدعو مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية إلى:

* السماح الفوري بزيارة المحامين والمؤسسات الدولية

* فتح تحقيقات مستقلة في استشهاد الأسرى تحت التعذيب

* توفير الرعاية الصحية العاجلة للأسرى المرضى

* إنهاء سياسة العزل والانتهاكات الجماعية


بعد السابع من أكتوبر لم تعد السجون مجرد مراكز احتجاز لقد تحولت إلى مختبر مفتوح لانتهاك الكرامة الإنسانية.

وإذا استمر الصمت الدولي، فإن المزيد من الأرواح ستكون في خطر داخل الزنازين المغلقة.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020